كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة عن معطيات خطيرة تنتظر مستقبل الدول العربية، وتنذر بموجة جديدة من الثورات في غالبية تلك الدول.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فأن الدول العربية بحاجة إلى توفير 60 مليون فرصة عمل حتى عام 2020 للإبقاء على مستويات بطالة الشباب عند مستوياتها الحالية.
بحسب عدد إبريل من تقرير آفاق الاقتصاد العربي الصادر عن صندوق النقد العربي تعتبر مشكلة البطالة من أهم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلدان العربية في المرحلة الحالية.
وبما أن البطالة تتركز بشكل كبير في فئة الشباب، فإنه من المتوقع أن تكون تلك المشكلة من أهم عوامل وأسباب الثورات في العديد من الدول العربية قريبا
أسباب البطالة
أرجع التقرير ارتفاع معدلات البطالة في الدول العربية إلى العديد من العوامل من بينها:
- النمو المتسارع للقوى العاملة بما يفوق قدرة الاقتصادات العربية على توفير فرص العمل
- عدم ملائمة نسق النمو في الدول العربية والذي يعد غير موفر للتشغيل بالقدر الكافي
- عدم الموائمة ما بين احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم (فجوة العمالة الماهرة)
- هيكلية أسواق العمل وبيئات الأعمال (تفضيل القطاع العام على القطاع الخاص، وانتشار العمل في القطاع غير الرسمي، والتحديات المرتبطة بصعوبة تأسيس المشروعات)
وبلغ معدل البطالة الإجمالي في الدول العربية نحو 10 % عام 2018 وفق تقديرات البنك الدولي، وهو ما يمثل تقريبا نحو ضعف المتوسط العالمي البالغ 5.4%.
يشير تتبع تطور معدل البطالة في المنطقة العربية خلال الفترة (2000-2018) إلى تباين اتجاهات تطور معدل البطالة ما بين الفترتين (2000 2008- ) و(2018-2009)
معدلات متباينة
حيث اتجه معدل البطالة خلال الفترة الأولى نحو الانخفاض بشكل تدريجي، بما يعكس مجموعة من العوامل المحفزة لخلق فرص العمل من أهمها:
- ارتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى ما يفوق معدل النمو في قوة العمل (5.4% لمعدل النمو، مقابل 2.4% لمعدل نمو القوى العاملة)
- تبني عدد من الدول العربية لسياسات اقتصادية منضبطة، وبرامج للإصلاح الاقتصادي ساعدت على حفز النمو والتشغيل، علاوة على التأثير الإيجابي للبيئة الاقتصادية الدولية المواتية.
بناء عليه شهدت هذه الفترة تزايدا تدريجيا لمعدلات التشغيل، بما مكن من خفض معدلات البطالة من 12% في عام 2000 إلى نحو 9% في عام 2008 .
في المقابل اتسمت الفترة (2009-2018) بانخفاض معدل النمو الاقتصادي مقارنة بمعدل نمو القوة العاملة ( 2.6% لمعدل النمو مقابل 3.3% لمعدل نمو القوى العاملة)،
فيما أضعفت التحديات الاقتصادية التي شهدتها البلدان العربية على الصعيدين الإقليمي والعالمي خلال تلك الفترة من قدرتها على زيادة معدلات التشغيل، مقارنة بالزيادات المتوالية في أعداد المتدفقين إلى سوق العمل سنويا.
يستوجب ارتفاع معدلات البطالة قيام الدول العربية برفع معدلات النمو الاقتصادي، والتركيز على النمو الموفر للتشغيل والنمو الاحتوائي.
تحديات خطيرة
وبحسب التقرير يزيد من حجم التحديات التي يفرضها ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية تركزها في أوساط الشباب في الشريحة العمرية (24-15 سنة)، إذ بلغ معدل بطالة الشباب في الدول العربية نحو 26.1 % في عام 2018 وهو نفس المستوى المسجل في عام 2000 ، ويعادل تقريبا ضعف معدل بطالة الشباب على مستوى العالم البالغ 13.2%.
من جانب آخر ترتفع مستويات بطالة الشباب بشكل كبير بين أوساط الإناث في الدول العربية إلى نحو 40% مقابل 15% للمتوسط العالمي، وهو ما يحد من آفاق النمو في الدول العربية ويضعف من الطاقات الإنتاجية الحالية.
في هذا الإطار، من المتوقع زيادة معدل نمو العمالة والسكان النشيطين اقتصاديا، لعقود قادمة نتيجة لتأثير النمو السكاني السريع في العقود الثلاثة الماضية، إذ ستشهد المنطقة أكبر نمو لشريحة السكان من الشباب في تاريخ العالم العربي وبالتالي زيادة مستويات عرض العمالة بشكل كبير.
وفي حال استمرار نسق النمو والتشغيل الحالي ستستمر بطالة الشباب كأكبر تحد اقتصادي واجتماعي يواجه المنطقة حتى عام 2040، إذ يتوقع وفق تقديرات صندوق النقد العربي أن ترتفع معدلات البطالة بين أوساط الشباب من مستواها الحالي البالغ نحو 26.1% إلى نحو 49% في عام 2040.
كن أول من يعلق