مجدى حسين يكتب.. أكبر عملية مخابراتية فى التاريخ لتشويه الإسلام وضرب المشروع الإسلامى
بقلم: مجدى حسين
منذ 13 يوم
عدد القراءات: 9109
ولكن ماذا عن داعش ؟! من الطبيعى أن ينشأ رأ ى عام متعاطف مع هذا التنظيم المعجزة، الذى يتحدى أكبر نظامين فى المشرق، ويسيطر على أجزاء واسعة من أراضيهما، وإن كان معظمها فى الصحراء، فالعرب والمسلمون يتعطشون لمثل هذه الانتصارات، ولتنظيم تتحداه 40 دولة بقيادة أمريكا، وتعجز عن وقف تقدمه، رغم مئات الغارات الجوية، ولكن المشروع الإسلامى ليس عمليات حربية فحسب، بل هو بالأساس مشروع حضارى يقدم تصورا فكريا شاملًا فى السياسة، والاقتصاد، والتشريع، والاجتماع.. إلخ؛ وكل ما يظهر من أفكار على مواقع هذه الجماعات، وكل ما نعرفه يقينا من علاقاتنا المباشرة مع المجاهدين (وليس من الإعلام الغربى) لا يطمئن .. فنحن أمام حالة من التشدد فى كل الموضوعات.. واستسهال فى القتل مع المخالفين المسلمين، والأقليات، والخصوم؛ حتى من جبهة النصرة.. والاستسهال أو لنقل التشدد فى مسألة الدماء يعطى فكرة عن التشدد فى باقى الموضوعات، ونحن مع التعدد فى الاجتهاد، ولكننا هنا لسنا أمام آراء بل إزاء قوة مسلحة تنفذ فورًا وعلى نطاق واسع ما تؤمن به !! وهذه الحالة كانت موجودة فى التاريخ الإسلامى .. وهى تذكرنا بالخوارج فى شدة تمسكهم بالدين، وفقا لتصوراتهم وروحهم القتالية الشديدة، واستعصائهم على الحوار، حتى أن الإمام على بن أبى طالب، لم يتمكن من إقناعهم رغم تاريخه العريق، وبلاغته، وحجة بيانه؛ نقوا الخوارج مع اختلاف الظروف تمامًا، ولكن نقصد خصائص الحركة والتنظيم.
ولكن الخوارج لم يعيشوا كحركة؛ لأن مجمل الأمة لم ينحاز لها ولأفكارها. ونقول: "إذا انحازت معظم الأمة لداعش، فعلى بركة الله ، وربما نكون نحن فى المعارضة، ولكن داعش لا تؤمن بالمعارضة، وسنتعرض للتصفية الجسدية إذا كنا مواطنين تحت إمرة دولتها، ولكن اكتساح داعش لمناطق فى سوريا والعراق، لايعنى بالضرورة أن معظم سكان هذه المناطق يؤيدونها حتى فى مناطق السنة، فداعش (وحين نقول داعش، نقصد كل هذه الظاهرة من الجماعات المتشددة المتفرعة من القاعدة) لديها إمكانيات عسكرية ومالية مخيفة حتى قبل أن تستولى على مصرف الموصل ومناطق البترول. وقد نشرنا من قبل تقارير موثقة عن تدفق مليارات الدولارات من قطر والسعودية على هذه التنظيمات، وبعض قادة هذه التنظيمات يعلمون تمامًا أنهم يتعاملون مع مخابرات هاتين البلدين وليس مع فاعلى خير، وهذان البلدان لا يقدمان أموالا فحسب، بل معلومات وتدريب وواسطة "خير" مع المخابرات الأمريكية؛ حيث يتم التدريب فى قواعد بالأردن، وتركيا، ومن يرفض التعامل مع الأمريكان، يقوم بتدريبه أتراك وأردنيون وسعوديون. ونحن أمام حالة من الاختراق بدأت منذ عمليات القتال ضد السوفيت فى أفغانستان؛ حيث كانت المخابرات الخليجية والباكستانية مزروعة بين المجاهدين، وتقوم بدور التدريب, والآن يتم التغلب على حساسية التعامل مع أنظمة عميلة للأمريكان، ومع الأمريكان، وعناصر من بلاد غربية أخرى بالتأكيد على أنها معركة مقدسة ضد الشيعة والعلويين، وأن الشيعة والعلويين، هم مثل السوفيت.. وهكذا نظل طول عمرنا فى تحالف مع أمريكا!!
وبالتالى تدفقت أسلحة متقدمة، ودخلت لسوريا من الأردن وتركيا، وبعد ذلك تم استخدامه فى العراق. ولكن هذه الجماعات تضم فى أغلبيتها الساحقة شبابًا مسلمًا مخلصًا، أتى للجهاد، ولا يعرف هذه المعادلات، وكذلك كثير من القيادات؛ لذلك تنمو الظاهرة بسرعة وتخرج عن السيطرة .
ولكن كان هذا مقدر من البداية، فالمطلوب هو تدمير و تمزيق سوريا والعراق (وغيرهما)، فتقوم الآن الدول الداعمة، وأمريكا بضرب هذه التنظيمات!!
لم تكن مفاجأة للمخابرات الأمريكية، أن الأمور ستخرج عن السيطرة، فهذا هو العمل المخابراتى الناجح الذى يتعامل مع ظواهر حقيقية، ولا يخترع تنظيمات عميلة، أو يحول تنظيمات شعبية إلى حالة من السيطرة الكاملة عليه، فهذا النوع من التنظيمات يكون سيئ السمعة، ولا ينضم إليه أى شخص مخلص، ولكن الأصوب أن تخترق بعناصر جيدة الثقافة الإسلامية بمدرسة وفكر، وأن تكون هذه عناصر تعمل على التوجيه بقدر الإمكان، كذلك الاعتماد على بلاد إسلامية: قطر والسعودية، وهؤلاء ملتحون ويصلون ولديهم معرفة إسلامية. ومع الأسف، فكثير من الشباب الإسلامى ضعيف فى الثقافة السياسية، ولا يعرف حجم ارتباط وتبعية هذين النظامين بأمريكا وأنهما بلدان محتلتان بقواعد أمريكية، وأن التعاون معهما ضد عقيدة الولاء والبراء. وأن أمريكا مصدر الدعم العسكرى، والمعلوماتى والتدريب.. إلخ، وهى تبعية كاملة، وليس مجرد تعاون. هذه حقائق يعلمها أى متابع لأخبار سوريا، ومهما كان الرأى فى نظام بشار، فإذا قرر الشعب السورى الخلاص منه، فليس بهذا الطريق أبدًا الذى أوصلنا إلى نتيجة واحدة نراها الآن .. تدمير وتمزيق سوريا، وسوريا بلد خارج نطاق الخدمة – والعراق الآن كذلك، وليس لأمريكا وإسرائيل هدفًا آخر أهم من ذلك.
إن تصبح الدول العربية 66 دولة بدلاً من 22 دولة وربما أكثر ! والخطة الأمريكية الماكرة مستمرة.. فرغم أنها فعلاً لا تريد ضرب الأكراد، وتعتبرهم هى وإسرائيل حلفاء موثوقين، فهذا دليل على أن داعش خرجت عن السيطرة.
ولكن تمزيق سوريا والعراق أهم من هذه المشكلة، و أهم من عيون الأكراد، ولكن الأمريكان لن يتركوا الأكراد .. ولكن هذه الضربات الجوية (لعب أطفال)، وهم يعلمون ذلك، والكونجرس قال ذلك. فأمريكا لا تريد سحق داعش تمامًا، ولكن تريد بعض التحجيم لها، ولذلك فإن مساعدة الأكراد تكون بإرسال قوات غربية خاصة، أو إقناع تركيا بحمايتهم بإرسال قوات برية. وكل عسكرى يعلم أن الغارات الجوية وحدها لا تحسم شيئًا. ولذلك يتحدث أوباما عن معركة تستمر سنوات.. عدة سنوات كافية لمحو سوريا والعراق من على الخريطة التى نعرفها .
كل شئ مرتب، حتى أن أسعار البترول تنخفض بشدة؛ لأنه يتم توفير موارد بديلة، كما أن إنتاج العراق وليبيا والسعودية منتظم !!
ليس دفاعا عن نظام بشار أو حكومة العراق، فإن معارضتهما لاتعنى أبدًا تدمير البلدين أو الدخول فى حرب أهلية ممتدة، فوحدة البلاد، هدف مقدس؛ لأننا نستهدف توحيد البلاد الموجودة حاليا فى دولة إسلامية كبرى بدءًا بالبلاد العربية .
والدخول فى حرب مفتوحة مع شيعة العرا، ومن ثم إيران، فهى حرب لا تنتهى؛ لأنها حرب على العقيدة، ولن يغير أحد عقيدته بهذا الأسلوب، بل سيتمسك بها. وبالتالى، فإن عقد مباحثات سياسية (حتى مع وجود قتال) ضرورى للوصول إلى حل عادل، ولكن لا يمكن طرح شعار (إبادة 60% من الشعب العراقى؛ لأنهم شيعة!)، وهى مباحثات بين أهل البلد، وقيادات عربية وإسلامية، أما المعارك مفتوحة، والجروح مفتوحة، والعداءات فى تعمق مستمر، والعراق 3 دول على الأقل، وسوريا 4 أو 5 دول، بعد كل هذه المسخرة، يقول الأمريكان رسميًّا، إنهم سيدربون معارضة سورية معتدلة، على حمل السلاح، وماذا كنتم تقولون قبل ذلك أيها المراءون الكذابون، ومن أعطاكم مفتاح الوطن العربى .
رئيس جمهورية البرازيل السيدة المحترمة روسوفا، أعلنت منذ أيام كل ما ذكرناه من قبل، قالت إن أمريكا هى التى صنعت داعش هى وبلدان تابعة لها (تقصد السعودية وقطر)، والآن تأتى لتضربها بالطائرات. ونقول نعم، ولكن بالطريقة التى ذكرناها حتى لا يتصور أحد أننا نقول إن المجاهدين الذين يضحون بحياتهم، هم عملاء لأمريكا جميعًا. بل نقول إن معظم هؤلاء شباب مجاهد، ومخلص صغير السن تم جذبه إلى معركة خطأ وأيضًا بعض القيادات. أما التشبه بالسيرة، فهو خطأ أيضا؛ لأن الرسول حين هاجر للمدينة لم يهدم دولة مركزية، ولكن كان يلجأ لقبيلتى الأوس والخزرج، والقبيلة كانت هى الوحدة السياسية، ولم تكن قريش تحكم جزيرة العرب، ولكن كان لها مكانة أدبية فحسب. لنتحدث عن مناطق محررة، أو حرب أهلية، ولكن لا نتحدث عن إقامة دول فى أجزاء من دول، فقد أصبحت موضة ستدمر بلاد العرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق