الاثنين، 2 أكتوبر 2017

هل أصبح الكلام ضد جرائم إسرائيل جريمة؟!

هل أصبح الكلام ضد جرائم إسرائيل جريمة؟!

بقلم: محمد يوسف عدس
 منذ 2 ساعة
 عدد القراءات: 111
هل أصبح الكلام ضد جرائم إسرائيل جريمة؟!

**كانت المقالة الحالية، هي أخر مقالات الكاتب والمفكر الإسلامي الكبير الراحل، محمد يوسف عدس، والتي أرسلها لصحيفة "الشعب"، فى 8 سبتمبر 2017م، ونعيد نشرها مرة آخري، تخليدًا لذكرى عطرة للكاتب، ولكشف ما كان يريد ايصاله عن العدو الصهيوني وتأمر الأنظمة معه.
إلي نص المقال :
أقول ابتداءً: لقد أصبح  هذا بالفعل من أخطر تهديدات الحرية في العالم الغربي: ففي فرنسا تم القبض على ناشطين ومحاكمتهم لمجرد لبسهم "تى شيرت" مكتوب عليه "مقاطعة إسرائيل .. وفى بريطانيا تم تطبيق سلسلة من الإجراءات مصمّمة لتجريم مثل هذا النشاط .. وفى الولايات المتحدة يتنافس حُكّام الولايات حول من يستطيع أن ينفذ اكثر الإجراءات تطرّفًا ضد المؤسسات التجارية الأمريكية حتى لا تساهم في أي مقاطعة  تستهدف -حتى المستوطنات الإسرائيلية التي أجمع العالم أنها كيانات غير قانونية..؟! .. وفى الجامعات الأمريكية يجرى معاقبة  المتعاطفين مع الطلبة الفلسطينيين لتعبيرهم عن انتقاد إسرائيل  ؛ وقد أصبح هذا الاتجاه القمعي سائدا في كل الجامعات؛ لدرجة أن تنبّه المركزالأمريكي للحقوق الدستورية إلى هذا التمييز المتعمّد ، وأطلق على هذه الممارسة القمعية "الاستثناء الفلسطيني من حرية التعبير".. على هذه الخلفية الاستثنائية يسجل هذا العام "2017م" خطوة جديدة أكثر خطورة لأنها تستدعي القانون لتجريم أيّ دعم لمقاطعة إسرائيل  في قوانين صريحة  ومحدّدة لأول مرة ؛ تنص في بنودها على عقوبات مدنية وجنائية..
المقال الذى يناقش هذا الموضوع ويفنّده كتبه كلٌّ من "جلين جرينوالد" ، و "ريان جريمْ" Glenn Greenwald, Ryan Grim  .. وقد تم نشره في 20يولية 2017م ، يفيد المقال أن مجموعة من أعضاء الكونجرس الأمريكي  تتألّف من 43 سناتور: 29  منهم من الحزب الجمهوري و14 من الديمقراطي-  يسعون لتطبيق مشروع قانون يجرّم الأمريكيين الذين يدعمون  الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل ..
ولسوف تندهش عندما تسمع لأول مرة عن حملة عالمية لمقاطعة إسرائيل ، خصوصًا بعد أن تخلّى حكّام العرب عن اتفاقهم التاريخي السابق بمقاطعة إسرائيل ، وأصبحوا يهرولون نحوها إلتماسًا لرضاها عنهم واستمرارهم في السلطة رغم أنف شعوبهم.. وقد أفهمهم السيد المتربّع في البيت الأبيض أن الرضا الأمريكي مفتاح بابه في يد إسرائيل .. ولكن المقاطعة ما تزال -بشكل أو بآخر- قائمة في العالم الغربي وفى المؤسسات الدولية .. رغم انتهاك إسرائيل لها ومحاولاتها المستمرة تدمير ما أقامته هذه المؤسسات في فلسطين المحتلة بالضفة والقطاع باسم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني .. واقرأ في هذا مقالًا جديدًا للدكتور مصطفى الِّلداوى بعنوان: " مشاريعٌ أوروبيةٌ تقوَّضُ ومؤسساتٌ أمميةٌ تدمرُ" حتى أن بعض الدول الأوربية أصبحت تتململ من الحرب المتواصلة على هذه المشروعات ، وتبدى غضبها الشديد من مسلك إسرائيل الإجرامي لدأبها على تخريب هذه المؤسسات والمشروعات كلما أعيد بناؤها فى الضفة والقطاع .. كأنه ليس هناك ثمة حرمةٍ أو حصانةٍ لهذه المشاريع الأوروبية والأممية، رغم القوانين التي تحميها والاتفاقيات التي ترعاها، إذ ليس هناك محرمٌ لدى الكيان الصهيوني، ولا يوجد لدى جيشه مناطق ممنوعٌ عليه العمل فيها، أو قصفها وتدميرها، فكل شئٍ أمامه مشروع وله هدفٌ، وما من دولةٍ أوروبية إلا استباحت إسرائيل حرمتها واعتدت على سيادتها، فدمرت مشاريع مولتها، وخربت مؤسساتٍ تديرها، وصادرتٍ أموالاً حوّلتها، واعتقلت فلسطينيين وظّفتهم فيها، وطردت مواطنين يحملون جنسيتها.
ولعل الحكومة البلجيكية واحدة من بين العديد من الحكومات الأوروبية التي أبدت غضبها وعبرت عن استيائها الشديد من ممارسات جيش الاحتلال، الذي أقدم على تدمير مدارس ومؤسسات أنشأها الاتحاد الأوروبي بتمويل وإشراف من حكومتها، وطالبت الحكومة البلجيكية سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدفع تعويضات كاملة لها، وإعادة بناء ما دمرته، وتعهدها بعدم المساس بهذه المؤسسات في حال أعيد بناؤها، أو غيرها من المؤسسات القائمة أو تلك التي هي قيد التأسيس والتشييد.
هذه خلفية أخرى من اللازم أن يتعرّف عليها القارئ ليدرك مدى خطورة السعي الأمريكي لتمرير مشروع هذا القانون في الكونجرس الأمريكيّ لتجريم أي كلام أو نشاط يشى بمقاطعة إسرائيل.  وأقول: المدعّمون الأساسيون لمشروع هذا القانون هما :الديمقراطي "بنيامين كاردن" Cardin من ولاية ميريلاند ؛ والجمهوريّ [Rob Portman] من ولاية أوهايو. وربما  أن الجانب الأكثر تصادمًا مع أنصار الحرية هو أن أي شخص متهم بالخروج على هذا القانون سيواجه عقوبات على جريمته: غرامة  أدناها 250 ألف دولار ، وأقصاها 20 مليون دولار غرامة وعشرين سنة سجن.
مصدر هذا الخبر هو الموقع الإلكتروني لصحيفة أمريكية عنوانها [The Intercept] حديثة النشأة ؛ حيث تم إنشاؤها في فبراير 2014م ..   وتعتبر منبرًا لعشاق الحرية والمدافعين عنها من المفكرين والصحفيين الذين كرّسوا أنفسهم لكشف العمليات الخفية لمحاربة حرية الرأي والتعبير ؛  فالذين  يفعلون هذا يتم قهرهم أو التمويه عليهم  للتنازل عن حرياتهم  أو قبول ما لا يجب أن يقبلوه إذا كانو على وعيّ بحقيقته ..
وأبرز مثال على هذا هو مشروع القانون الذى يجرّم نقد إسرائيل أو اتخاذ أي إجراء أو المساهمة في نشاط يناهض ما ترتكبه إسرائيل في الشرق الأوسط وفى العالم لتمرير سياساتها الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني ؛ بحيث لا يمكنه  أن يعيش في أرضه بسلام .. أو أن يعود مشرّدوه إلى موطنهم الأصلي بلا عقبات مثل أي شعب آخر من شعوب العالم.
لعلمك يجب أن نشير أن مثل هذه المواقف المناهضة لإسرائيل لم تكن يُذكر فيها إسم إسرائيل صراحة ، وإنما كانت توصف بأنها "مناهضة للسامية" [Anti-Semitism] الآن بعد ظهور "دونالد ترامب" وزوج ابنته اليهودى العنصري "جاريد كوشْنرْ"لم يعد هناك خجل أو تحفّظ على تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية ؛ لذلك ظهر مشروع القانون واسم إسرائيل واضح فيه وبالتحديد في صدره هكذا:
[Israel Anti-Boycott Act (S. 720] قدمه للكونجرس صهيوني معروف باسم "بنيامين كاردن" في  23مارس الماضى .. ولقد علمنا أن مشروع القانون قد تمت صياغته  بمساعدة "اللجنة الأمريكية-الإسرائيلية للشئون الخارجية" إختصارًا [آيباك AIPAC] وقد وضعت مشروع القانون في صدر أولوياتها للترويج له في الأوساط الأمريكية النافذة هذا العام المبارك 2017م.  : وأطلقُ عليه العام المبارك ، وأنا واعٍ بما أقول: إنه المبارك بالنسبة لإسرائيل وما تتطلّع إلى تحقيقه في العالم هذا العام..
إنه العام الأول في رئاسة دونالد ترَمْب فى البيت الأبيض الأمريكي ، الذى جمع حوله أكبر مجموعة من اليهود الصهاينة وأشرسهم على الإطلاق .. ووضع عل رأس هؤلاء صهره وزوج ابنته إيفانكا كمستشاره الأول وممثله في قضايا الشرق الأوسط .. ولقد نجح ترامب في مؤتمره العربي الإسلامي في تطويع أنظمة الحكم لإسرائيل ، وعلى رأسها  عواهل: المملكة والبحرين والمؤامرات العربية المتحدة..!  وبلد لم يعد أحد يهتم بذكره لأنه فاقد الوجهٍ والقيمة وذيل طبيعي لإسرائيل- كانت تسمَّى  مصر.
لا تندهش عندما تعرف أن المشاركين في تقديم مشروع القانون -على كثرتهم- لا يشذّون عن القاعدة: أنهم من عُتاة الصهاينة الأمريكيين سواء كانوا من الحزب الجمهوريّ أو الديمقراطيّ : على سبيل المثال:  سناتور"تْشَكْ شِمَرْ" زعيم حزب الأقلية في الكونجرس.. وصاحبته  سناتور "كريستين جيليبراند" عن نيويورك... ولا يغرّنك أسماء لأعضاء في الكونجرس ينسبون أنفسهم لليبرالية فهي مجرد لا فتات مزيّفة مثل انتساب كثير من السياسيين والكتّاب المصريين إلى الليبرالية وهم في حقيقتهم أعداء للحرية والديمقراطية.
أمثال [هؤلاء] أعضاء في البرلمان الأمريكي: "رون وايدِنْ" من أوريجون ، و "ريتشارد بلومنتال" من ولاية "كُنّيكتِكَتْ" ، و"ماريا كانتوِلْ" من واشنطون" .. وتجمع [آيباك]إليهم بذكائها الخبيث مجموعة موازية من أعتى الجناح اليمينيّ العنصري أمثال: "تيد كروز" من تكساس ، و "بِنْ ساسى" من نبراسكا ، " وماركو روبيو" من فلوريدَا"..  لقد استطاعت آيباك أن تحشد في مجلس الشيوخ 234 عضوًا مساندًا لمشروع القانون (60) من الحزب الديمقراطي و(174) من الحزب الجمهوري.
أما في مجلس النواب  فقد تمكّنت أيباك من حشد مجموعات أكبر من شتى الأطياف والأيديولوجيات الفكرية ؛ يبدون مختلفين في الظاهر على قضايا تافهة ، ولكنهم متفقون بشكل مذهل على كل مافيه مصلحة لإسرائيل ؛ حتى ولو كان هذا غير واضح لهم أو ملتبس عليهم ، أو لم يبذلو أي جهد لفهم محتواه أو ما ينطوى عليه .. وسنصادف عينات مخزية من هذا النوع الذى يوقّع بلا قراءة أو  فحص أو مناقشة على أي مطلب إسرائيلي أو مُقدّم من أي جهة موثوق فيها بالنيابة عن إسرائيل [مثل آيباك]:
من هؤلاء عدد كبير من المشاركين الموقعين على مشروع القانون دون أن يكلّفوا أنفسهم بالنظر إلى تفاصيله أو تحري قراءته في مصدره الأصلي وإنما اكتفوا بقراءة المذكرة المصاحبة التي قدمتها إليهم آيباك ثم قاموا بالتوقيع ! .. تعجّب إذا عرفت أن هؤلاء قد بَنَوْا سمعتهم وشهرتهم الجماهيرية لدى الأمريكيين  باعتبارهم السياسيين الأبرز الذين يناهضون دونالد ترامب في الإعلام الأمريكي .. أذكر على وجه التحديد ثلاثة من أعضاء مجلس النواب الذين يعتبرهم الديمقراطيون من كبار أبطالهم وهم: "تيدْ ليو" Ted Lieu وآدم شيف ، وإريك سْوالوِلْ .. هؤلاء السياسيون الثلاثة جميعًا استطاعو في الماضى أن يكسبوا شهرة عامة ضخمة على أنهم مناهضين للسلطات المستبدّة ؛ إنهم الآن -بكل بساطة- يدعّمون أسوأ مشروع قانون يكرّس الاستبداد والقهر العنصريّ.
وقد نهضت منظمات حقوق الإنسان الأمريكية لحصار هذا التيار الجارف المسلط على أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب في الكونجرس الأمريكي ؛ فبعثت إليهم  برسالة تحضّهم على معارضة مشروع القانون الجائر وتشرح  فيها أن مشروع القانون ؛ سيعاقب أفراد من الناس لا ذنب لهم ولا جريمة إلا أنهم  يعبرون عن معتقداتهم السياسية .. وقد بين هذا الخطاب التفاصيل التي تجعل هذا المشروع أكبر مهدِّد لمبادئ وأسس الحريات المدنية الأمريكية.
ومن جانبها اتخذت الصحيفة الإلكترونية [ The Intercept]  خطوة جديدة في هذا المجال ؛ إذ بعثت بخطابات استفسار لبعض الشخصيات الموقّعة على مشروع القانون ، ليوضحوا موقفهم من مشروع قانون يحارب الحريات المدنية ، بينما يدّعون أنهم أبطال الحريات المدنية .. وأنهم ضد أساليب التسلط والقهر .. ومن هؤلاء  عضو مجلس النواب "ليو": خطاب مهذب فيه استفسار أكثر من النقد  يقول: " كيف سمحت لنفسك ، وأنت من أبطال حقوق الإنسان المدنية -   بالتغاضى عما ورد في تقرير مجموعة حقوق الإنسان التي تدين مشروع القانون الذى يشرّع تجريم الأمريكيين أن يشاركوا في أي نشاط يعارض تصرفات قمعية وغير إنسانية لدولة أجنبية..؟! إننا نكتب إليك اليوم عن هذا الموضوع مستفسرين ، وسنقدّر أي ردّ تقوم به وسننشره في هذه الصحيفة.
وقد تلقّت الصحيفة ردّا لن تصدقه فالسيد ليو عضو مجلس النواب الذى وقّع على المشروع مؤيّدًا لم يقرأه بعد .. مع اعترافه بأن المشروع موجود في البرلمان منذ شهور وأن هذه هي المرة الأولى التي تنبه إلى أهميته .. ووعد بأنه سينظر فيه.. وكان رد "سناتور كانتوِلْ" يدور حول هذا المعنى ..
 أما الصهاينة المؤيدون  عن وعْي مثل "كريس كونز"  فقد تجاهلوا الاستفسار تمامًا  ، وكان ردّهم الفوري بدون تردّد ولا تفكير : "أنا مستمرٌّ في تدعيم أي علاقات متينة بين الولايات المتحدة وإسرائيل"! ..
في الوقت نفسه هناك من يجهل تماما كل شيء عن المشروع الجهنمي ولكنه وقّع عليه بمجرّد أن "آيباك" هي التي قدمته ؛ ثقة في أنها لا تكذب ولا تضلل..ّ ولكنه عبّر عن جهله وحيرته وذهوله عندما نبّهه خطاب مجموعة حقوق الإنسان الأمريكية.. فقال متلعثِمًا: "أيّ مشروع هذا الذى تتحدثون عنه ..  أمهلوني قليلًا وعليكم أن تأتوا إليّ فيما بعد ."
وفى هذا الإطار تسمع من شخصية شهيرة من الديمقراطيين هو سناتور "بوب مِنِديز" "من نيو جرسى" يقول في استجابته على الاستفسارات -وكأنه ضُبِط متلبّسًا بجريمة- " حقيقةً.. أنا أحتاج إلى قراءة المشروع ..أشعر فعْلًا بأننى يجب أن أطلع عليه بإمعان..؟!"
دعْ كل هذه المساخر جانبا .. وتعالى معى نفحص هذه الواقعة لنتأكّد أننا لا زلنا نتحدث عن أمريكا..! وليس عن كفر الدّكروري مركز نبره...!
فما أقدمه إليك الآن يعتبر أكبر صدمة شخصية لى كما كانت لمراسلى صحيفة "ألإنترسبت"عندما التقوا مع السناتور الديمقراطي "بنيامين كاردان" باعتباره أكبر المدعّمين المقدمين للقانون والمروّجين له [كما سبق أن أشرت في صدر هذا المقال] ؛ لقد بدا الرجل المهم وكأنه ليس لديه أي فكرة عما يتضمّنه  مشروعه الجهنّميّ .. وإصراره على أن مشروعة لا يتضمّن أي عقوبات قانونية..؟!"
لقد اطلعت بنفسى على مشروع القانون في وثيقته الأصلية وأعلم أن به بند عقوبة شنيعة لمن يخالفه ؛ إذ ينص على أن تبدأ بغرامة مقدارها مئتين وخمسين ألف دولار ، وتصل في أقصاها إلى مليون دولار مع السجن عشرين سنة.
يمد  مشروع القانون المحرّمات الجارية إلى المشاركة في مقاطعة إسرائيل التي تصدر من الحكومات الأجنبية ليشمل منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي  .. وتمد تجريم حظر المقاطعة من إسرائيل بصفة عامة إلى أي جزء في إسرائيل بما في ذلك المستوطنات .. لهذا السبب ؛ يشرح لنا "ريوبنر"   Ruebner أن المشروع بحكم تصميمه اللغوي يجرّم أي محاولة لشن هجمات ضغط من منظمة التضامن الفلسطيني لقطع العلاقات مع إسرائيل أو مع أي من المستوطنات الإسرائيلية ..
 هذا المشروع الخبيث يبرز كثيرًا من ديناميات هامة في واشنطن ويتم تجاهلها في نفس الوقت:
أولا- حتى الصحفيين الذين يحبون أن يتحسّروا على التعاون المفقود بين الحزبين في واشنطن ؛ فإن مجرد ذكر كلمة  إسرائيل تجعل معظم أعضاء الحزبين يتلاءمون بسرعة مذهلة في صف واحد مع إسرائيل .. شيء يجعل نظاما شموليًّا فى شمال كوريا يحمر خجلًا وحسدًا ، حتى ولو كان العالم بأسره يتهم إسرائيل في عدوانها أو يعلن أن المستوطنات غير شرعية ولا قانونية .. فإن الكونجرس الأمريكي بكل أطيافه المختلفة أيديولوجيًّا  يجد تواؤمًا  وتوافقًا  في التوحّد ضد إجماع  العالم بأسره فى الدفاع عن الحكومة الإسرائيلية ؛ وأن ماتقوم به من جرائم إبادة وقتل وتشريد للفلسطينيين إنما هو "دفاع عن النفس"..!
ثانيا -حرية الكلام في الولايات المتحدة خاضعة للتميز  والتشويه بشكل مذهل ؛ فالنُّقّاد  ، ورجال السياسة يحبون أن يقوموا  بحملات صليبية ، كأبطال لحرية التعبير ، إذا كانت هذه الحملات موجّهة للدفاع عن الآراء الشعبية السائدة ، أو مهاجمة المجموعات المهمّشة [كالمسلمين والأمريكيين السود] وغيرهم من  المستضعفين  في المجتمع  مثل طلاب الأقليات .. ولكن عندما يتعلق الأمر بالهجوم القوي المنظم  على حرية الرأي في الولايات المتحدة والغرب بصفة عامة ، وعندما نرى تصاعد محاولات تجريم الرأي والنشاط الموجّه إلى الحكومة الإسرائيلية في احتلالها لفلسطين وجرائمها وحصارها لهم  .. فإن  أبطال حرية التعبير يلوذون بالصمت المطبق وتخرس ألسنتهم عن الكلام ؛ كأنهم من سكان القبور..!.
ثالثًا-  تظل [AIPAC]  واحدة من أقوى وأخبث "لوبيات" الضغط ...
وليس هذا أول ما فعلته في هذا المجال ؛ فإن رجلها المفضل في الكونجرس الأمريكي Cardin الذى نجح في محاولات سابقة أن يضمّن في قوانين  التجارة شروطًا تستبعد أي شخص فرد أو مجموعة تدعو إلى مقاطعة إسرائيل في معاملاتها التجارية.
من أجل هذا أعتقد أن مشروع القانون الذى يجرم الرأي أو النشاط المناهض لإسرائيل للكفّ عن جرائمها في فلسطين  ، وحصارها لغزة ، ومحاولتها تدمير المسجد الأقصى ، سوف يمضى إلى مبتغاه .. رغم أنف العالم .. مالم تنهض الشعوب المسلمة بثورة جديدة تتخلص فيها من أنظمتها القمعية الموالية لإسرائيل ، وحشد المقاومة الإسلامية في وجه المحتل المغتصب .. فإن عليها  أن تنتظر خمسين عاما أخرى حتى تواتيها ظروف أفضل لثورة ناجحة !.  
myades34@gmail.com

هناك تعليقان (2):

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف

إلى احباب فى ربوع الارض

كل عام وانتم بخير بعيد الفضر المبارك مع تحيات الاعلامى جمعه الشوال